بحث هذه المدونة الإلكترونية

2011/09/18

فتحى الشقاقى ، ما لم يكتب من قبل !! أزدواجية البداية . الفكر ،والثورة ...

 
كتبه / ؟؟؟؟؟
جمع واعداد /sleman abu saada
الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي وإخوانه حالة مختلفة ومتمايزة ليس في تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر فحسب ولكن في تاريخ الأمة ولست أُبالغ في ذلك. فمن يعرف فتحي الشقاقي وما قدمه من إنتاج فكري وما وجهه من نقد للحركة الوطنية الفلسطينية والقومية العربية والإسلامية المعاصرة وما قدمه من أفكار لتصحيح مسارها. وترجمته لكل ذلك عملياً حيث قرن الفكر بالممارسة والعمل "النظرية بالتطبيق" من يعرف ذلك ويطلع عليه يدرك أن الدكتور الشهيد، صنع الحدث ولم يصنعه الحدث، كتب التاريخ ولم يكتب عنه التاريخ.. غيرّ مسار حركة التاريخ الفلسطيني، ومجرى اتجاه الحركة الإسلامية في فلسطين بالتحديد، وشكل انقلاباً في المفاهيم والمصطلحات والرؤية للصراع مع العدو الصهيوني والغرب، والنظرة إلى المشروع الغربي اليهودي–الصليبي ورأس حربته الموجهة إلى قلب الأمة والوطن في فلسطين "الكيان الصهيوني".

إن المشكلة في الكتابة عن مؤسس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، تلك الحركة التي تعتبر من أخطر حركات الإحياء الإسلامي المعاصر على الغرب اليهودي-الصليبي، التي أعادت صياغة بناء الواقع فكرياً وعملياً في فلسطين وخارجها إلى حد بعيد، إن المشكلة تكمن في ماذا يمكنك أن تثبت للدكتور الشهيد وأخوته وحركته من فضل وسبق وماذا تترك، خاصة وأنه لا توجد كتب أو مراجع يمكن لمن يريد الكتابة عن الدكتور الشهيد أن يعتمد عليها ويثبتها، وكذلك إن بحثي في مواقع متعددة على الانترنت لعلي أجد ما يشفي الغليل، وينصف هذا الرمز والعلم من أعلام الفكر الإسلامي والجهاد المعاصرين، فلم أجد إلا بعضاً من المقالات التي ذكرت معلومات سطحية عن الدكتور الشهيد وحركته تدل على فهم سطحي لفكر حركة الجهاد ومؤسسها (وكي أكون دقيقاً أكثر، أؤكد أنني أتحدث عن حركة الجهاد المشروع الذي أطلقه الدكتور الشهيد وإخوته من الجيل الأول . لذلك سأكتب عن الدكتور فتحي من خلال تجربتي ومعرفتي الشخصية به.

الدكتور الشهيد صانع الانتفاضة/ الثورة عام 1987م

إن كان هناك ما يمكن أن أثبته للدكتور الشهيد من فضل أو أُنصفه به فهو هذا العنوان "أنه صانع الانتفاضة/الثورة عام 1987". وهذا أُثبته من خلال تجربتي الشخصية مع الدكتور فتحي الشقاقي وحواراتي معه وإطلاعي على أفكاره في سنوات الدراسة الجامعية التي تعرفت عليه فيها وخاصة عامي 1979/1980، تلك الفترة التي لم يكن فيها صوت إسلامي واحد ينادي بأولوية ومركزية فلسطين والجهاد ضد العدو الصهيوني في برامجه أو أنشطته. أستطيع أن أجزم: أن الذي صنع الانتفاضة/الثورة عام 1987، هو الدكتور فتحي الشقاقي وإخوانه، وإلا لو كان هناك من المسلمين في فلسطين أو خارجها من يتبنى في برامجه ومناهجه السياسية، فلسطين كقضية مركزية، وواجب العمل الشرعي والإعداد للجهاد ضد العدو الصهيوني واقتلاعه من قلب الأمة والوطن على رأس تلك البرامج، ما كان اضطر الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي لتشكيل هذا الرافد الإسلامي الجهادي في فلسطين، الذي تولى تغيير الواقع الفلسطيني فكرياً وعملياً، وأعاد صياغة العقل الجماهيري الفلسطيني في نظرته للعدو الصهيوني ومشروع الهجمة الغربية اليهودية-الصليبية في فلسطين، وإلى الأنظمة العربية والإسلامية التي لا تجد تناقضها الرئيس مع هذا العدو وما يمثله من خطر على الأمة والوطن بقدر ما تجده مع الإسلام والمسلمين في حدود دول سايكس-بيكو. ودليلي على ذلك:

أولاً: النخبة والطليعة

لقد كان الدكتور فتحي الشقاقي وإخوانه أول من فرق بين مفهوم النخبة والطليعة (فكراً وممارسة)، وأول من كتبوا عن ذلك في مجلة "المختار الإسلامي" التي كانوا يُشرفون عليها وكان يُصدرها الشيخ حسين عاشور رحمه الله. فقد كانت الحركات والأحزاب والتنظيمات القومية واليسارية وبعض الإسلامية تسمي نفسها أو تصف فكرها "بالطليعية، الطليعي" وتطلق على عناصرها أو بعض مجموعاتها "الطلائع أو الطليعة"، لتميز نفسها عن التنظيمات والأفكار النخبوية، في الوقت الذي كانت هذه التنظيمات وأفكارها، نخبوية ولا علاقة لها بالطليعة والأفكار الطليعية. فجاء الدكتور فتحي الشقاقي وإخوانه ليقولوا لهؤلاء وأولئك أنه لا علاقة لكم بالطليعة أو الفكر الطليعي لا "فكراً ولا ممارسة" وليؤسسوا حركة الجهاد لتكون ترجمة عملية وواقعاً قائماً وشاهداً على صحة ما قالوه عن الطليعة والفكر الطليعي، ولتكون الانتفاضة/الثورة عام 1987 ثمرة لذلك الفكر وتلك الممارسة. فقد قالوا:

أن الفكر الطليعي هو الفكر الذي ينبع من عقيدة الجماهير وتاريخها، وثقافتها وتراثها، ويعبر عن طموحات وآمال الجماهير المستقبلية. وأن الطليعة هي التي تترجم هذه العقيدة وهذا الفكر عملاً وممارسة وتلتحم بالجماهير التحاماً عضوياً لتقودها من خلال الانخراط في صفوفها لتحقيق آمالها وطموحاتها.

وبناء على ذلك فإن الأفكار القومية واليسارية والعلمانية التي تم استيرادها من الخارج ليست أفكاراً طليعية، وأن أسلوب عمل وممارسة التنظيمات التي تتبنى تلك الأفكار التي رأت في نفسها أنها تفهم مصلحة الجماهير أكثر من الجماهير نفسها، وأنها هي من يجب أن يختار ويقرر للجماهير وأنها فوق الجماهير والبديل عنها، لأن الجماهير كالرعاع لا تعرف ما يصلح لها، تلك التنظيمات ليست طليعية لأنها استعلت على الجماهير وركزت على النخب من شرائح المجتمع المختلفة التي تقبل فكرها.

أما الإسلاميين، فهم وإن كانوا حملوا عقيدة وفكر الجماهير ومارسوا بعض أشكال العمل الجماهيري إلا أنهم لم يلتحموا بالجماهير الالتحام المطلوب، واعتمدوا أيضا أسلوب العمل النخبوي والتركيز على النخبة في كل شريحة من شرائح المجتمع ليضموها للتنظيم، ولم يطرحوا أفكارهم للجماهير، ولم يتبنوا عملياً آمالها وطموحاتها وعلى رأسها تحرير فلسطين لتكون على رأس أولوياتهم ومركز فكرهم وتوجهاتهم، ويحولوا ذلك إلى ممارسة على الأرض يكونوا هم فيها رأس الحربة والطليعة الحقيقة للتحرير.

ثانياً: نريدها ثورة جماهيرية

لا أنكر أنني في تلك الفترة التي تَبَنيت وحملت فيها فكر الدكتور فتحي الشقاقي -قبل أن ألتقي به أو أتفق معه عليه، حيث أنني تعرفت عليه من خلال سعي لتشكيل تنظيم إسلامي جهادي في فلسطين أثناء دراستي الجامعية، بعد أن اكتشفت أن حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية تسير بالقضية المركزية للأمة نحو المجهول- قبل أن يكون قد تم أي تأطير للحركة في نواتها الأولى غير الدكتور الشهيد وإخوانه المعدودين على أصابع اليد الذين امتلكوا الجرأة والوعي والفكر ليقولوا: لا للواقع القائم آنذاك، وينطلقوا ليغيروا ذلك الواقع، ويترجموا الإسلام الذي فهموه ووعوه سلوكاً وحركة وانقلاباً إلى واقع على الأرض. لا أنكر أنني في تلك الفترة كنت لازلت مندفعاً ومتحمساً وتسيطر على عقلي وتفكيري فكرة العمل العسكري على طريقة حركة فتح والتنظيمات الفلسطينية في ذلك الوقت. وقد كانت هذه نقطة تباين بيني وبين الشهيد رحمه الله. وقد كان كلامه واضحاً في آخر حوار جمعنا يوم 18 أو 19/ 9/ 1980 في الشقة التي كنت أسكن فيها في المنيل بالقاهرة أنا والأخ الدكتور/محمد الهندي أحد قيادات الحركة البارزين في فلسطين، فقال رحمه الله وهو يختم حوارنا حول هذه المسألة بهدوئه المعهود، وأنا أقف على باب الغرفة للخروج لموعد سابق: إن أسلوب العمل العسكري على طريقة الخلايا والمجموعات العسكرية التي اتبعته حركة فتح والتنظيمات الفلسطينية في الأرض المحتلة أثبت فشله، لأن العدو الصهيوني بإمكانه من فترة لأخرى أن يكرر ما حدث في عامي 1970/ 1971، عندما قام شارون باعتقالات عشوائية لمئات الشبان في قطاع غزة فاعتقل المنظم وغير المنظم، ولفق لهم التهم، واستطاع أن يقضي على العمل العسكري في القطاع. باستطاعة العدو الصهيوني أن يكرر هذا العمل من فترة لأخرى كلما شعر أن هناك تكاثر للخلايا العسكرية.

ولكن نحن نريد أن نبني البيت المسلم الذي لا تمسك فيه الأم بابنها تمنعه عن الخروج للجهاد ولكنها تدفعه إلى ذلك. نريدها ثورة جماهيرية تملأ الشوارع على غرار الثورة الجماهيرية الإسلامية في إيران، ساعتها فإن العدو الصهيوني لن يستطيع القضاء عليها مهما اعتقل وسجن لأنه لن يستطيع اعتقال كل الجماهير. وقد تمنيت أن يتحقق هذا الذي يحلم به ونحلم جميعنا معه به، وانصرفت.

ثالثاً: فجرنا الانتفاضة باشتراكات الأعضاء

في بداية إبعاد الأخوين الشيخ عبد العزيز عودة والدكتور الشهيد فتحي الشقاقي من فلسطين بداية الانتفاضة، كان الشيخ عبد العزيز عندما يُسئل عن دور الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية الأُخرى في تفجير الانتفاضة/الثورة عام 1987، ولم يكن هذا السؤال من قبل الصحفيين يأتي من فراغ ولكن من خلال متابعتهم الصحفية للأحداث في فلسطين قبل وأثناء الانتفاضة، وللدور الكبير الذي لعبته حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في تعبئة الجماهير وتوجيه حركتها باتجاهها. كان يرد الشيخ عبد العزيز في لقاءاته الصحفية: "أن كل الفصائل الفلسطينية في الأرض المحتلة قد شاركت في تفجير ثورة المساجد –الاسم الذي كانت تُطلقه حركة الجهاد على انتفاضة عام 1987، وإن كان الدور الأكبر لحركة الجهاد".

وكان يرد الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي على نفس السؤال بقوله: "أن كل القوى الفلسطينية شاركت في تفجير الانتفاضة/الثورة، وإن كان حضور حركة الجهاد متميزاً". وقد كتب في كتاب "مسيرة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" الصادر عام 1989 (ص 29) بكل تواضع ودون غرور أو إعجاب بما صنعه هو وإخوانه، يقول:

"فهذه لمحة سريعة وعامة عن مسيرة الدم والشهادة وعن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، التي شرفها الله سبحانه وتعالى بأن جعلها نواة العمل الإسلامي الجهادي فوق أرض الرباط، وهذا الشرف العظيم الذي جاء في ظرفه التاريخي ومرحلته التاريخية لا يعني احتكار حركة الجهاد الإسلامي للجهاد في فلسطين ولا تفردها وحدها على هذا الطريق المقدس، فالحركة في نفس الوقت الذي شكلت فيه نواة العمل الجهادي كانت امتداد وجزء من حركة إسلامية أوسع وأكبر كان لها دورها الريادي في اخضرار الساحة الفلسطينية بالإسلام، وهكذا فحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين لا تمثل كل الساحة الإسلامية وإن كانت رافداً منها وإليها وكونها نواة تاريخية ـ في هذا الظرف والمرحلة التاريخية ـ للعمل الجهادي في فلسطين يجعلها في طليعة المجاهدين الذين يتكاثرون يوما بعد يوم ولكن لا يعطيها بالضرورة أي حق للتمايز عن الآخرين فهي جزء منهم ويتعاظم ويكبر بهم ...".

ولكنه عندما وجد أن الآخرين كل منهم يتسابق على إرجاع الفضل في تفجر الانتفاضة/الثورة عام 1987 لنفسه وجهده وعدم ذكر فضل أو دور لحركة الجهاد في ذلك، في الوقت الذي لم يكن أحد منهم يضع مسألة تحرير فلسطين أو تثوير الجماهير لمواجهة صلف العدو المركزي للأمة على رأس أولوياته، وأن الأدلة العملية والواقعية على الأرض، وتصريحات القادة والمحللين السياسيين الصهاينة والغربيين ووسائل الإعلام على طول مساحة العالم وعرضه لم يكن لها حديث وتحذير إلا عن/من حركة الجهاد وقادتها، وأن إسحاق مردخاي قائد عصابات العدو الصهيوني للمنطقة الجنوبية -قطاع غزة- أعلنها صراحة، أن هناك سببان للانتفاضة هما: قرار إبعاد الشيخ عبد العزيز عودة (في 17/11/1987، أي قبل حادثة الشاحنة بتاريخ 8/12/ التي يؤرخ بها خطأ الجميع لتفجر الانتفاضة/الثورة 1987)، وحادثة الشاحنة.

كما أن حركة الجهاد قد تولت توجيه حركة الجماهير من خلال بياناتها التي بدأت تصدرها من قبل نحو شهرين من تاريخ دهم أحد الصهاينة -أخ ضابط الأمن الذي قتله مطاردي حركة الجهاد الذين استشهدوا يوم 6/10/ 1987- بشاحنته إحدى السيارات الفلسطينية التي كانت تحمل عمالاً عرباً، قبل أن تدرك أبعاد هذه الثورة الجماهيرية كثير من الفصائل الفلسطينية التي كانت قد شارفت على إلقاء بندقيتها والتخلي عن شعار الكفاح المسلح الذي كانت قد سبق ورفعته كوسيلة وحيدة لتحرير فلسطين. لأن حركة الجهاد أدركت أن الجماهير قد سبقتها بوعيها وحسها وحركتها، وفرضت عليها التوقيت الذي تريده هي لتفجير الانتفاضة/الثورة لا الذي تريده الحركة، وذلك عندما خرجت يوم 6/10/ 1987 لتشييع شهداء حركة الجهاد الأربعة الذين استشهدوا بعد خمسة شهور من هروبهم من سجن غزة المركزي، ذلك الهروب الذي استقال على إثره وزير السجون الصهيوني، وكانوا قد أذاقوا فيها العدو الصهيوني ألواناً من الرعب والخوف والاضطراب من العمليات النوعية التي نفذوها ولم يعهدها من قبل. خرجت الجماهير منذ ذلك التاريخ لتعبر عن وفائها لأبنائها الشهداء، ولتترجم تبنيها لأفكار وأطروحات حركة الجهاد عملياً، ولم تتوقف حركتها تلك منذ ذلك التاريخ، وقد كانت حادثة الشاحنة أحد أهم العوامل التي زادت من غضبة وشعلة الجماهير الفلسطينية في انتفاضتها/الثورة تلك، وليست هي التي فجرتها.

والذي جعل حركة الجهاد تدرك قبل غيرها أن حركة الجماهير الفلسطينية هذه المرة ليست هبة غضب أو انفعال مع هؤلاء الشهداء ولكنها ثورة جديدة، لذلك كانت الأسبق من غيرها إلى قيادة حركتها وتوجيهها من خلال بياناتها المتعددة قبل تاريخ 8/12/1987م، التي حمل أحدها توقيع "حركة المقاومة الإسلامية"، الذي جعلها تدرك ذلك قبل غيرها، هو: أنها اعتبرت أن هذه الحركة الجماهيرية هي باكورة ما زرعته في هذه الجماهير من أفكار، وثمرة لجهود وتضحيات تلك "الطليعة المرجوة".

هذا الإنكار من الآخرين لدور حركة الجهاد وعلى رأسها الدكتور فتحي الذي قُدم للمحاكمة من داخل السجن وحكم عليه بالترحيل بتهمة قيادته الانتفاضة من داخل السجن، دفعه في لقاءاته الصحفية في العام الأخير قبل استشهاده، وخاصة مع صحيفة "الوسط" التي تصدر من لندن، يجيب على أسئلتها عن مدى تأثير قطع المساعدات الإيرانية عن الحركة على نشاطها، بالقول:"لقد فجرنا الانتفاضة باشتراكات الأعضاء" بمعنى أن من استطاع أن يحقق هذا الانجاز المعجزة (الانتفاضة/الثورة) بملاليم الأعضاء، لن يعجز عن الاستمرار في المحافظة على هذا الانجاز.

من هو فتحي الشقاقي

إنه فتحي إبراهيم عبد العزيز الشقاقي، الابن الأكبر لأسرة فلسطينية هاجرت مع نكبة فلسطين عام 1948 من قريتها زرنوقة/قضاء يافا، إلى مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، حيث ولد هناك فتحي عام 1951. نشأ وترعرع وسط أخوته العشرة وأسرته الفقيرة المحافظة في مخيم زرنوقة للاجئين في رفح، بكل ما فيه من معاناة وعذاب وفقر وقهر، استشهد الدكتور فتحي الشقاقي على يد الغدر الصهيوني في جزيرة مالطا، أثناء عودته من زيارة إلى ليبيا من أجل الفلسطينيين الذين ألقى بهم معمر القذافي على الحدود مع مصر، بحجة إحراج سلطة الحكم الذاتي، وذلك يوم 26/10/1995م.

ومن يعرف تلك المخيمات وصعوبة الحياة فيها، التي كان يريدها أعداء الأمة مقبرة لهؤلاء المُهَجرين الذين شَرًدوهم من وطنهم، لا يتخيل أنها يمكن أن تُخرج كل هؤلاء الأعلام والمثقفين والجامعيين، وعلى رأسهم الدكتور الشهيد فتحي وإخوانه.. فابن هذه المخيمات لم يكن تفكيره وخياله يتجاوز حدود سقف منزله المصنوع من الكرميد، الذي لا يقيه حر الصيف ولا برد الشتاء، ولا ندف المطر عليهم وهم نيام. ولا يكاد أفقه يتجاوز حدود سماء قريته أو بلدته على أقصى تقدير، أما الهَم فكان كله مُنصباً على كيفية الخروج من دائرة الفقر القاتل، أما الحلم فلا يزيد على الحصول على ثوب جديد بدل الثوب الذي يمتلئ بالرقع.

إلا أن قوة الإيمان وإرادة الحياة عند هذه الجماهير التي اختارها الله تعالى لتكون طليعة الأمة في رفع وحمل لواء الجهاد ومقارعة عدو الأمة المركزي، ولتكون درعها الواقي في وجه الزحف اليهودي-الصليبي إلى أن يهيئ لها أمر رشدها وخلافتها، وتحقيق وعده بتدمير العلو والإفساد الإسرائيليين، هذه الجماهير كانت أقوى من كل محاولات الأعداء القضاء عليها وسحقها.

من وسط ركام هذه الحياة، وأنقاض تلك المخيمات خرج الدكتور فتحي الشقاقي وأخوته ليقهروا كل أسباب الموت والعجز، ويتخلوا عن كل أحلام ابن المخيم البسيطة التي هي وليدة بيئة الحرمان التي عاشها، ويتبنوا أحلام الأمة من جاكرتا إلى داكار، أو إلى من طنجة أو إلى الدار البيضاء، ومن استانبول إلى لاجوس. كما كان يحلو له ولإخوانه أن يتحدثوا عن الأمة وحدود الوطن، ليتجاوزوا حدود سايكس- بيكو، ويؤكدوا على وحدة الأمة والوطن من المحيط إلى المحيط. فقد تخلى عن هَمَه الشخصي وهَمْ أسرته، ليحمل هَم أمته ويعيش به وله، ليس هذا فحسب، ولكن ليقوم بمهمة تحويله إلى هَم للحركة الإسلامية المعاصرة في الوطن كله، وليطلق عليه مصطلح "القضية المركزية للحركة الإسلامية المعاصرة".

كما تجاوز أفقه حدود سماء مخيمه وفلسطين كلها، ليحلق في فضاءات وسماء الوطن الإسلامي الكبير ليدرس تاريخه، قديمه وحديثه، وحركات تحرره من الاحتلالات الغربية، يستخلص منها الدروس والعبر، ويتعلم من مفكريها، يُظهر إيجابياتهم وسلبياتهم، مواطن الإصابة والخطأ، ويهتم أكثر ما يهتم برواد النهضة الحقيقيين من أمثال: الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وعبد الرحمن الكواكبي وشكيب أرسلان، ليقدم تاريخهم وفكرهم في ثوب نقدي جديد، ويُركز أكثر ما يركز على رائد النهضة الحديثة جمال الدين الأفغاني ومدرسته الثورية التي لا تعرف المهادنة، وعلى فكره الإسلامي النقي الأصيل، وفهمه للإسلام الفهم الصحيح، وتبنيه لقضايا الأمة في عصره بأسلوب يغلب عليه العمق التاريخي والوعي بالواقع، وإدراك حاجة المستقبل. لذلك كان يمزج بين الدعوة إلى مقاومة المحتل الغربي وطرده من وطننا وبين الدعوة للوحدة الإسلامية ومشروع النهضة والإحياء والتجديد الإسلامي ...إلخ. مفنداً لفكر محمد عبده وتجربته بعد تركه لصاحبه الأفغاني، وأخطاء تجربته الإصلاحية وعلاقته بكرومر المندوب السامي البريطاني وغيره من الغربيين ونصارى الوطن المشبوهين, متتبعا نواحي القصور والسلبية في نهج تلامذته أو الذين تأثروا بمدرسته الإصلاحية من أمثال رشيد رضا ومحب الدين الخطيب، وصولا إلى محاولات علمنة الأزهر الشريف وسيطرة الدولة عليه.

وناقدا الكواكبي لا في فكره وما كتبه عن رفض الظلم والاستبداد، ولكن في دعوته إلى عودة الخلافة إلى قريش والعرب، وتحريضه ضد الدولة الإسلامية العثمانية. مبيناً أصالة فكر أمير البيان شكيب أرسلان، ونقاء فكره الإسلامي الواعي وهو يسير على خطى الأفغاني، وإلمامه بأبعاد الهجمة والمشروع الغربي ضد الأمة والوطن. مسجلاً رفضه واعتراضه على تجربة سعد زغلول وحزب الأمة "الوفد"، تلك التجربة الوطنية المصرية التي ارتبطت مصالحها بمصالح الاحتلال، وأعطى فيه سعد زغلول ظهره للشرق الإسلامي وولى وجهه صوب الغرب المحتل لوطننا، وأعلن موت الأمة العربية بمقولته الشهيرة: أضرب صفر × صفر يكون الحاصل صفراً.

متتبعا لعمليات التغريب وتدمير العقل المسلم ومؤسساته، التي بدأت مع الهجمة الأوروبية الحديثة، التي مثلت طليعتها الحملة الفرنسية على مصر وبلاد الشام، وما كشفته من مواطن الضعف في الأمة، ومشروع النهضة الحديث الذي ارتبط بمحاولات محمد علي باشا إقامة دولة حديثة في مصر على النمط الغربي وخاصة الفرنسي، وإرسال البعثات التعليمية للخارج لتكون نواة مشروع النهضة. ناقداً فكر رواد النهضة الحديثة في نظر العلمانيين والمتغربين، بدء من خريجي الأزهر من المعممين رفاعة الطهطاوي والمبارك، اللذان بُهرا بمظاهر الحضارة والمدنية الغربية، من نظافة الشوارع ونظامها، غافلين أن هذه المظاهر من أصول آدابنا الإسلامية وجزء من حياة المسلمين اليومية، وناقداً افتتاح الطهطاوي لمشروع النهضة بعد عودته من دراسته بترجمة الدستور الفرنسي، مروراً بالمتغربين من تلامذة المستشرقين من عملاء أجهزة المخابرات البريطانية والفرنسية، من أمثال طه حسين وسلامة موسى ولطفي السيد وغيرهم، انتهاء بآخر منظر من منظري هذا المشروع الذي يهدف إلى سلب الأمة مقومات وجودها وقدرتها على المقاومة، وأفقدها حصانتها ضد عمليات الاختراق الغربية لها.

مركزاً دراسته ونقده للفكر الوطني والقومي ومشروعهما الفاشل لتحقيق الوحدة العربية لمواجهة المشروع الغربي اليهودي-الصليبي ومركزه كيان العدو الصهيوني في فلسطين، مبيناً دور ذلك الفكر في تكريس التجزئة وحدود أقطار سايكس- بيكو، وتثبيت كيان العدو الصهيوني "أداة" الحفاظ على "أنظمة التجزئة" في قلب الأمة والوطن، معتبراً أن أنظمة التجزئة تعتبر الوجه الأخر للهجمة الغربية, الوجه الأخر للعدو الصهيوني، فهي لا ترى تناقضها الرئيس مع كيان العدو الصهيوني ولكنها تراه مع حركات الإحياء الإسلامي، لذلك ركزت جهودها في اعتقال وملاحقة وإعدام رواد النهضة والبعث الحقيقيين في الأمة، بدل تركيزها على تحقيق شروط الوحدة الحقيقية تهيئة لعملية التحرير الجادة لفلسطين.

غير غافل عن دراسة تجربة الحركة الإسلامية المعاصرة وعلى رأسها تجربة أوسع حركة إسلامية معاصرة، وأقدمها وأكثرها تأثيراً في واقع حياتنا الإسلامية المعاصرة، وأغناها بالدروس والعبر. حركة "الإخوان المسلمين" وأفكار وأطروحات مؤسسها أُستاذ الأجيال المعاصرة، الشيخ الإمام الشهيد حسن البنا. مبيناً جمود وانحراف من خلفوه في القيادة عن نهجه، وعجزهم عن إكمال مسير حركته فارتدوا إلى ما طرحه الإمام الشهيد عند بداية التأسيس من ضرورة الإعداد والتربية، لذلك أصبح همهم الحفاظ على التنظيم واستمرار وجوده لا على الحركة وإكمال مسيرة البنا من حيث انتهى.

متوقفا عند فكر الأستاذ الشهيد سيد قطب، الذي سماه بـ"المعلم الشهيد" وأطلق على تجربته العظيمة اسم "رحلة الدم التي هزمت السيف"، معتبراً أن تجربة المعلم الشهيد وفكره هما استكمالاً لما انتهى عنده الإمام الشهيد حسن البنا. ويرى أن الواجب يملي عليه وعلى إخوانه أن يحملوا مشعل النور الذي أضاءه الأستاذ الشهيد بدمه الذي افتدى به عقيدته وفكره، ورفض كتابة استرحام لطاغية عصره يطلب فيه الإبقاء على حياته. رأى أنه يجب أن يكون هو وإخوانه في حركة الجهاد "المشروع وليس الحركة الحالية" تلك "الطليعة المرجوة" التي كتب لها الأستاذ الشهيد كتابه "معالم في الطريق" كما ذكر في مقدمته، ذلك الكتاب الذي منذ أن وقع في يد الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي أحدث انقلاباً خطيراً في حياته، وتوجهاته الناصرية، وانقلب حاملاً دم الأستاذ وفكره وساهراً الليالي مفكراً في كيفية بناء تلك "الطليعة المرجوة" التي لا تفهم حديث الأستاذ الشهيد عن "مفاصلة المجتمع الجاهلي" مفاصلة اعتزال وتكفير، ولكن مفاصلة "شعورية" كما أرادها الأستاذ الشهيد. من هنا بدأ الدكتور الشهيد في تربية "الجيل القرآني الفريد" الذي يجسد مفهوم الظاهرة الإسلامية في فلسطين، الظاهرة القرآنية عند مالك بن نبي المفكر الإسلام الجزائري، مقابل الظاهرة الإسرائيلية، ويكون بداية النهاية لتدمير العلو والإفساد الإسرائيليين ويتحقق على أيديهم "وعد الآخرة" و"ليسوؤوا وجوهكم".

لذلك انطلق الدكتور الشهيد في فكره من حيث انتهى الأستاذ الشهيد ليؤسس هو وإخوانه حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين التي ترى في نفسها أنها الامتداد الطبيعي، والصحيح، والصادق، والحقيقي لفكر الشيخين الشهيدين الإمام حسن البنا، والأستاذ سيد قطب.

لا أبالغ إن قلت: أن الدكتور وأخوته الأوائل كان موسوعة فكرية لم يغادروا مفكراً أو قائداً إسلامياً أو عالمياً إلا درسوا فكره، من سيد قطب إلى المودودي والخميني، من مالك بن نبي إلى محمد باقر الصدر وعلي شريعتي ومن مصطفى السباعي إلى سعيد حوى وفتحي يكن....إلى كل المفكرين الإسلاميين والقوميين وغيرهم.

إن ضيق مساحة المقال لا تتسع لعرض كل أو جزء من عطاء الدكتور الشهيد الفكري، أو ممارسته العملية لتطبيق هذا الفكر، ولا يسعني إلا أن أقول: أن الدكتور الشهيد كان إلى جانب أنه مفكر وسياسي ومجاهد.. كان شاعراً وفيلسوفاً وأنه في كتاباته هو وإخوانه كان يقدم للأمة تاريخها، وتاريخ أفكار روادها، ومأساتها ومشروع نهضتها.. الخ، بروح قرآنية جديدة، وقالب جديد، وتوجه جديد، ضمنه هو وإخوانه كثيراً من المفاهيم والمصطلحات والرؤى التي كانت في أيامهم الأولى غريبة على الفكر والكتابة، وغدت اليوم يتم تداولها واستخدامها في كل مجالات الكتابة على أنها شيء مألوف، ولا يعرف القراء أو حتى بعض كتابها أن هذه المصطلحات والمفاهيم أول من استخدمها هو الدكتور الشهيد وإخوانه لتصحيح مسيرة الفكر والحركة الإسلاميين، ورؤية الأمة للصراع مع أعدائها، من أجل إعادة صياغة العقل المسلم وإعادة بناء الواقع وفهم الأحداث بأسلوب وعقلية صحيحة، لبنة مهمة ورئيسة في مشروع حركة الجهاد، مشروع النهضة الذي لم يَعد منه بعد استشهاده إلا بندقية فقط.

فلسطين في فكر الشقاقي

لم تغب فلسطين طرفة عين عن الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي، فهو كان يرى أنه يتوجب "على كل أجنحة الحركة الإسلامية وعلى ملايين جماهير الأمة في كل مكان أن تمد خطاً مستقيماً من قلب جبهتها المتقدمة في معركة النهضة وفي كل إقليم من أقاليم الوطن الإسلامي، نحو المركز.. نحو القدس.. إن الوحدة على فلسطين هي وحدة الوعي لأن بقاء الكيان الصهيوني يعني إفشال كل مشاريع النهضة.. إن الوحدة حول فلسطين هي وحدة التاريخ مع القرآن وهي إعادة صياغة للجغرافية السياسية باتجاه الأقصى الشريف، وهي وحدة الملايين المتقدمة نحو قدرها.. هي وحدة مشروع النهضة كله. وفي القدس.. جوهر ومركز الصراع الكوني اليوم تتحدد ملامح المعركة الفاصلة".

وبعد أن يفند خطأ الحركة الوطنية الفلسطينية والحركة الإسلامية المعاصرة ورؤية كل منهما للصراع مع العدو الصهيوني، وأسلوب مواجهة الهجمة، يقول: "إن سر ما يمكن تقصيه في القرآن والتاريخ والواقع يجعل من بيت والمقدس والجهاد فيه وفي أكنافه مركزاً للمشروع الإسلامي المعاصر الموحد حول فلسطين كما هو المشروع "الاستعماري" مجسد أيضاً وموحد في فلسطين على الحالة الإسرائيلية".

إن فلسطين بالنسبة للدكتور وفي فكره هي "عقيدة وحضارة" لذلك كتب يوضح لمن لم يفهموا حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وموقع فلسطين كعقيدة عند الحركة يقول:

"لم نأت من السياسة إلى فلسطين كما سألنا البعض مرة، ولم نأت من فلسطين إلى القرآن، كما توهم بعضنا في يوم بعيد أن فلسطين مجرد قبضة من تراب ولا تزيد.. الذي حدث أننا ونحن في ذروة المعاناة وفي أشد الفكر والجهد والعذاب.. في لحظات وجد ودعاء كنا فيها الأقرب إلى الله.. شاهدنا فلسطين.. شاهدناها في قلب القرآن.. شاهدنا رحلة الإسراء ذات الساعات القليلة صورة إلهية لتاريخنا الممتد ألف وأربعمائة عام من مكة والمدينة إلى بيت المقدس، من محمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن يتنزل إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن قد اكتمل منهجاً قويماً وفاعلاً من بني قريظة إلى الليكود.. من حراء إلى كامب ديفيد ومن وعد الأولى إلى وعد الآخرة، من "وجاسوا خلال الديار" إلى ".. ليسوؤوا وجوهكم.."، من القرآن إلى القرآن، تعانقنا.. صرخنا من الفرح.. بدا كل شيء بعد ذلك مجرد وقت.. مجرد وقت فقد اكتشفنا كلمة السر".

هذه هي فلسطين في فكر فتحي الشقاقي وحركة الجهاد، من هنا اكتشف أسباب فشل المشاريع الوطنية والإسلامية في تحقيق ما طرحته من أهداف وشعارات، لأنها لم تربط بين مشروع النهضة ومحاربة العدو الصهيوني، ولا بين سعيها إلى إقامة أو إعادة الخلافة الإسلامية وإسقاط الأنظمة المرتبطة بالغرب التي تحول دون العمل الحقيقي لتحرير فلسطين، لأنهما لم تجعلا من فلسطين محور ومركز فكرهما وعملهما. ولذلك رأى أن فلسطين يجب أن تكون قضية الحركة الإسلامية المعاصرة ليتسنى لهذه الحركة الوحدة على اختلاف مسمياتها وأوطانها. ففلسطين هي طريق الوحدة والنهضة وإعادة دولة الخلافة الإسلامية التي لن تكون إلا بالقضاء على الظاهرة الإسرائيلية.

عز الدين الفارس "القسام"

من مكانة فلسطين القرآنية السابقة، ومركزيتها في تفكير الدكتور الشهيد، انطلق إلى دراسة تجربة أبا المجاهدين الشيخ المجاهد الشهيد (عز الدين القسام). الذي كتب عنه يقول:"هو الواجب المقدس في صراع الواجب والإمكان، هو روح داعية مسئولة في وسط بحر من اللامبالاة والتقاعس، وهو رمز للإيمان والوعي والثورة والإصرار على عدم المساومة" لذلك ليس غريباً أن يكون أول اسم حركي يكتب به الدكتور الشهيد هو "عز الدين الفارس" أي عز الدين القسام: فقد كان القسام في عيني فتحي بل في فكره وعقله هو الفارس في كل شيء.

لذلك كان الدكتور الشهيد وإخوانه هم الحلقة التي أعادت العلاقة بين الماضي والحاضر، فكانوا قساميون بحق. نعم، فلقد استوعبوا التجربة القسامية الرائدة في تاريخ فلسطين الحديث، فكراً وممارسة، وأحيوها واقعاً معاشاً في فلسطين منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، وقد أعادوا لها اعتبارها، وانزلوها المنزل الذي تستحق في قلوب الجماهير الفلسطينية والأمة جمعاء، وجعلوها بحق خير مفاخر التاريخ الفلسطيني الحديث، وأن يتمنى كل فلسطيني مخلص وشريف أن يكون قسامياً، فتمايز مشايخ حركة الجهاد عن كثير من أقرانهم في العقيدة والفكر والممارسة والوعي السياسي، أسلوب العمل الجهادي والعمليات العسكرية النوعية في تلك الفترة ... في كل شيء.

وكما بدأ الشهيد فتحي الشقاقي من حيث انتهى الشيخان الشهيدان الإمام حسن البنا، والأستاذ سيد قطب. فكرياً وحركياً، فإنه ابتدأ من حيث انتهى الشيخ الشهيد عز الدين القسام جهاداً وثورة. لقد عشق الدكتور الشهيد وإخوانه القسام والقساميين، ونادى بإحياء تجربته والإقتداء به، وصدع بهذه التجربة في كل أنحاء فلسطين، فهزت هذه الصرخة قلوب الجماهير الفلسطينية لما عرفوه عن القسام والقساميين من صدق وروح تضحية وفداء، فكان لا حديث لهم إلا عن القسام، ولا قدوة لهم إلا القسام، ولا أمنية لهم إلا أن يكونوا قساميين حتى أصبح هذا الاسم علماً يدل عليهم. وكانت المخابرات الصهيونية تميز به بينهم وبين غيرهم من أبناء الحركة الإسلامية الآخرين في فلسطين. فتسميهم "القساميون" وتصفهم بأنهم الذين جمعوا بين الوطنية والدين وأنهم أخطر من كل من سبقهم في الساحة الفلسطينية. كما أن المخابرات الصهيونية كانت تطلق عليهم اسماً آخر لتميزهم به عن غيرهم من المناضلين في الساحة الفلسطينية، يدل على مدى ما كانت تمثله هذه الثُلة من خطر على العدو الصهيوني، وما يمثله فكرها وحركتها وسط الجماهير الفلسطينية من رعب عند العدو الصهيوني، وقلق من أن ينجحوا فيما يسعون إليه من تفجير ثورة جماهيرية على غرار الثورة الإسلامية في إيران، فكانوا يسمونهم "الخمينيون".

إن الحديث عن الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي لا ينتهي، ونكتفي بهذا القدر .......



2011/09/17

كن في الدنيا كعقارب الساعة .........

كن في الدنيا كعقارب الساعة  
 
كن كعقارب الساعة تسير باتجاه واحد لا تغير مسارها الرياح ولا العواصف قد تتوقف لكن سرعان ما تعود للدوران من جديد ولا يستطيع أحد أن يجبرها على تغير مسار طريقها وان كان حاملها وصاحبها طريقها رسمت اتجاهه ومضت فيه ولا 
 يمكن لها أن تحيد عنه..  
  
         الدنيا مليئة بمحطات...


                   
 
الدنيا مليئة بمحطات توقفنا عندها .أخذت من وقتنا وسرقت من جهدنا ولكن أعطتنا عبر ودروس رسمت لنا طريقا لا بد أن نسير فيه طريق طويل كثير التعرجات ومتعدد الاتجاهات ولكنه طريق بعيد كل البعد عن سواد الدنيا وظلمتها طريق مليء بالحجارة و الصخور ولكنه طريق خالي من الفخاخ والحفر والمصائد طريق ملئ بالأشواك ولكنه خالي من طعنات غدر في الظهر  

                           الدنيا لها وجهان



                          

وجه أبيض ناصع نبحث عنه ونركض خلفه وعندما نصل إليه ونظن أننا سعدنا سرعان ما نراه قد تحول وتغير إلى وجه أسود مظلم لم نبحث عنه بل عملنا بكل جهدنا أن لا نلقاه أو نقابله ولكنه يأبى إلا أن يقابلنا  

                             محطات لا ننساها  
كنا أطفالا نحلم وسرعان ما يتحقق حلمنا لأننا كنا نحلم في حدود ما نراه ونسأل أشياء سهلة التوافر وكنا لا نرى من الدنيا إلا الحنان والحب والدفأ كنا أطفالا 
                               

 نعم كنــا أطفالا لم نعطي الدنيا شيئا ولكن الدنيا أعطتنا كل شئ فكنا نرى الدنيا بيضاء تفوح بروائح الحب والعطاء فرسمنا بداخلنا الدنيا وكأنها كل شيء جميل حب وعطف وحنان عطاء ووفاء صدق وإخلاص..  ثم كبرنا وكبرت معنا أحلامنا وكنا ما زلنا نرى الدنيا بيضاء وظنناها الأب والأم والأخ والخليل ظننا الدنيا كل شئ جميل في حياتنا وكنا نظن أن الدنيا ستعطينا كل ما نطلب و تمنحنا كل ما نحلم ولـــــكن لم نكن نعلم أن الدنيا كانت تعطينا كل شئ لكي نكبر ليس حبا فينا ولا حنانا ولا عطفا علينا إنما كانت تريدنا نكبر لكي تسترد منا كل حنان وحب ودفأ وهبتنا إياه في
طفولتنا

   
 
فعلمنا أننا كنا في مرحلة لا يمكن أن نعود لها وإننا كنا في دنيا ليست الدنيا التي نعيشها أو أننا كنا مخدوعين بدنيا لا تعطي إلا لتأخذ وأنها كما تمنح الفرح ستمنح الحزن وكما تخرج الورود تخرج الأشواك وكما أن فيها قمم ففيها وديان وقيعان وكما فيها حقول الأمل ففيها صحاري اليأس وكما فيها حب ففيها كره وحقد وكما فيها وفاء فيها غدروخيانة... وكما أن فيها نهار مشمس ففيها ليل مظلم                                                                                          
               
       
 
كنا نتمنى أن نكبر ونكبـــــــــر لأننا كنا نظن كلما كبرنا كلما زادت الدنيا في عطائها وصفائها ولكن تفاجئنا بأننا كلما كبرنا أظلمت الدنيا وكشرت عن أنيابها كلما كبرنا كلما اكتشفنا غدر وخيانة وحقد كلما كبرنا كبر همنا وغمنا كلما كبرنا علمنا بأننا لسنا في حياة حقيقة بل في حياة زائفة وخادعة حياة الفتن والكذب والتلون والنفاق حياة ستزول يوما عنا ونزول عنها  والآن نتمنى أن نعود أطفالا ليس حبا في الطفولة ولكن كي لا نتمنى أن نكبر بسرعة ولكي نصرخ ونقول لن نخدع بعد اليوم بدنيا خدعتنا ولن نفتن بعد اليوم بدنيا فتنتنا ولن نثق بعد اليوم بدنيا غدرت بنا ولنصرخ في وجه الدنيا لن تمنعينا من أن نحلم ونرسم ونتمنى لن تمنعينا من أن نحب ونخلص ولن تمنعينا أن نفرح ونبتسم ولن تمنعينا من أن نعطي ونمنح ولن تمنعنا من أي شيء نريده ونتمناه ولكي نبني سفينة سعادة ووفاء وحب 

   

وننتظر بحر الأحزان يطوف لكي نبحر بها إلى شواطئ السعادة ولكي نضيء شموع الأمل وننتظر ليل البلاء يحل وينزل في ديارنا لكي نقول له أننا لن ننتظرك تنجلي وقتما شئت بل نحن من نضئ وقتما شئنا ولن تظلم لنا طريقا رسمناها بشموع الحب والإخلاص والوفاء  أن كانت الدنيا تتقلب وتتغير لكي نمِِل ونفتر ونصاب بالسآمة فقد خدعت نفسها ووهبتنا ما نريد بل أعطانا هذا التنوع تجديد في حياتنا لكي لا نمِل فهناك صيف وشتاء ,خريف وربيع , وليل ونهار , حر وبرد, نور وظلام, بياض وسواد ,وغنى وفقر فرح وحزن ,ولادة وموت، ورخاء وشدة ومحنة ومنحة.. وصحة ومرض ومـــــــــــا أجمـــــــــل الحديقة حين تتنوع فيها الورود و الأزهار والفواكه والخضروات وما أجمل لوحة الفن حين تتنوع ألوانها وربما لو كانت الدنيا مجبولة على نمط واحد ولم تتقلب لكان ذلك أقسى على النفس
  
          الدنيا لها وجهان أبيض وأسود 

نتمنى أن يبقى الوجه الأبيض أمامنا ولكننا لا نركض خلفه ولا نغير مسارنا من أجله بل هو من يبحث عنا والوجه الأسود نتمنى أن لا نلقاه ولكننا لا نغير طريقنا خشية منه بل هو من يفر من جبروت ابتسامتنا وفرحنا وسعادتنا   

         

                  فلنبقي قلوبنا بيضاء خالية من كل سواد ولنبقى أخوة يجمعنا الحب في الله والوفاء والصدق 


                      

2011/07/15

:: أنا فلسْطين ومَنْ لفلسْطين سوى أنا::


              

بقلم // احمد اسماعيل
بواسطة أبو هادى

أنا لسْت مِنْ هُواة الثَّرْثَرَة.. ولا أُجيد لعْبة السَّمْسَرَة .. أنا روحي بالْحقّ وللْحقّ مُزَمْجِرَة.. أنا فلسْطين في القلوب دوْماً مُسْتَأْثَرَة .. أنا فلسْطين، أجْمل الكلمات، أرْوع العبارات، نِعْمَ النّعمات، مسْك الْقلوب وأنْقى الطّاهرات.. أنا عكّا، أنا يافا، أنا كلّ الْوطن، أنا شمْس الرّبيع، وفي الْعيون مُزَيَّنَة.. أنا بيْت المَقْدسِ ولشجر الزّيْتون مُعَمِّرَة.. أنا الشّعب والشّعب أنا، وفلسْطين في خُلدي حرّة وليْستْ مُسْتَعْمَرَة.. أنا وطن المعارك وفي ساحات الوغى أبْحث عنْ حَنْظَلَة .. كيْ أغْسل عار الهزيمة عنْ وجوهٍ تاهتْ وخانتْ يا أيّها الحكّام المَسْخَرَة .. هذه فلسْطين في نكْستها تبْكي، فصاح الشّهيد هذه روحي لعرْسكِ دوْماً مُسْتَحْضَرَة .. هذه فلسْطين في نكْستها تبْكي، والخواجا وطوالْبة وشهداء العزّ لفلسْطين مَفْخَرَة .. فأنا كفار داروم، أنا نتْساريم، أنا إيرز، أنا جرادات، وصاحتْ بيْت ليدٍ أنا للْيهود مُهَجِّرَة.. أنا الـ 67 صوّروني نكْسة، فكانتْ هزيمة إثْرَ خيانتهمْ وعنْد أسْيادهمْ كلاب مُسْتحْقَرَة.. يا أيّها النّظام العربيّ الهزيل، فلسْطين في ذكْرى نكْستها تلْعنكم، وأنْتم في حقيقتكمْ عبيد مُسْتحْمَرَة يا أيّتها الزّعامات المُزيَّفة، فلسْطين تلْفظكم، حيْث حظيرة أسْيادكم لِتُرْعَوْا في مَزْرَعَة.. أنا فلسْطين يا ربّ كما عهدتّني، ونكْستي جلبتْها أنْظمة مُتَشَرْذِمَة.. أنا نظام الشّعوب الرّسْميّ، ولسْت كأنْظمة الخزْيّ المُسْتَأْجَرَة.. أنا فلسْطين حبّي في قلوب الشّعوب محْفورٌ، وحبّي ليْس كحبّ عنْترة .. أنا شرف فلسْطين مِنْ عهْد النّبوة أتيْت، وللشّهيد دوْماً مُسْتَنْفِرَة.. أنا مِنْ عمْق التّاريخ أفْكاري، وللشّقاقي بصْمة حقّ في أجْمل مَرْحَلَة.. أنا فلسْطين وفلسْطين أنا، ومِنْ صدْر الإسْلام أتيْت مُشَرَّفَة.. أنا قبّة الصّخْرة، بريقي في عيون الحرّ أمانة، وللخائن مُحَذِّرَة .. أنا وطن الإسْلام وفي القرآن حروفي، ومَنْ لكبْريائي حافظاً ومُكَبِّرَة.. أنا فلسْطين، أنا آية منَ القرآن، أنا سورة الأنْفال وللعدوّ مُدَمِّرَة.. أنا فلسْطين، أنا قصّة الإسْراء، أنا معراج الرّوح، ولقلوب المشْتاقين مُيَسِّرَة .. أنا جبال فلسْطين هامتي شامخة، ولمفرّطي دوْماً مُنْذِرَة .. أنا وطن الزّيتون المبارك، وسراجي في ربوعي مُنيرٌ ومُنْتَشِرَة.. أنا جبال الخليل، أنا سهول الوادي، أنا بيْت النّبوة لقلوب العاشقين مُنوِّرَة.. أنا فلسْطين، أنا مسْك الشّهداء، أنا عنْبر الزّمان، أنا في أرواح المحبّين مِنَ اللؤْلؤ أُسْوِرَة ..أنا ملْح الجراح أُداوي آلامها، فمنْ لجراح فلسطين يا أيّتها الزّعامات المُبَعْثَرَة.. أنا وطن الأمّة، أنا بلد الْجنان، أنا للأحْرار في أكْنافي مُجَمِّعَة.


أنا آذان الفجْر، أنا صيْحات الله أكْبر، وفي ساحات العشْق أُقَبِّلَ الأيادي المُتَوَضِّئَة .. أنا مآذن الجهاد، وفي ساحات المجْد للمجاهد دوْماً مُوَدِّعَة.. أنا منْ عمْق التّاريخ جئْت أنْشد، زمن العدْل والحبّ في كنف الخلافة الرّاشِدَة.. أيْن ابْن الخطّاب فينا وصلاح الدّين وسيْف الحقّ، ولعدْلهم كانت السّماء مُؤَيِّدَة.. أنا أُغْنية فلسْطين الأولى، فاشْعلوها يا رجال الوغى في القلوب الحائرة.. أنا المسْجد الأقْصى، فارْفعوا رايات النّصر فوْق مآذن القدْس الثّائرة.. أنا زغاريد الصّباح، فغنّوا بلحْن الثّورة، وازْرعوا سنابل العشْق في ميادين الوطن السّاحرة.. أنا لحْن الوطن، نعْزف أُغْنيته بدمانا ولنْ تُثنينا آلات القهْر الغائرة .. أنا نشيد الثّورة، وسنظلّ نُغنّي أُغْنية الوطن بحريّة رغْم بطْش الأقْزام الجبابرة.. أنا مصْر، أنا تونس، أنا صنْعاء، أنا الوطن العربيّ للقدْس نتوق وفلسطين في قلوبنا زاهرة.. أنا شعوب الأمّة الحرّة، أعْزل منْ كلّ شيء إلاّ مِنْ إرادتي، وبإرادتي لجيوش الحكّام قاهرة.. أنا عيون العاشقين مِنَ المحيط إلى الخليج، وفلسْطين شوْقها في قلوبنا دوْماً وافرة.. أنا فلسْطين، أنا بيْت القصيد، وأنا في عيون الْعاشقين ساهرة.. أنا فلسْطين، أنا بيْت العنْكبوت، وشِبَاك قلْبي لِحُبّ النّبيّ وآله جاهرة.. أنا فلسْطين، ومَنْ لفلسْطين سوى أنا يا أيّتها الزّعامات الجائرة .

2011/07/13

أنا يوسف يا أبي

محمود درويش - فلسطين
أنا يوسف يا أبي
محمود درويش - فلسطين
إهداء إلى الأب الغالى إبراهيم أبو سعادة ،، أبو معاذ ،،
محبكــ أبو هادى
أَنا يوسفٌ يا أَبي.
يا أَبي، إخوتي لا يحبُّونني،
لا يريدونني بينهم يا أَبي.

يَعتدُون عليَّ ويرمُونني بالحصى والكلامِ
يرِيدونني أَن أَموت لكي يمدحُوني
وهم أَوصدُوا باب بيتك دوني
وهم طردوني من الحقلِ
هم سمَّمُوا عنبي يا أَبي
وهم حطَّمُوا لُعبي يا أَبي

حين مرَّ النَّسيمُ ولاعب شعرِي
غاروا وثارُوا عليَّ وثاروا عليك،
فماذا صنعتُ لهم يا أَبي؟
الفراشات حطَّتْ على كتفيَّ،
ومالت عليَّ السَّنابلُ،
والطَّيْرُ حطَّتْ على راحتيَّ
فماذا فعَلْتُ أَنا يا أَبي،
ولماذا أَنا?

أَنتَ سمَّيتني يُوسُفًا،
وهُمُو أَوقعُونيَ في الجُبِّ، واتَّهموا الذِّئب;
والذِّئبُ أَرحمُ من إخوتي..
أبتي! هل جنَيْتُ على أَحد عندما قُلْتُ إنِّي:
رأَيتُ أَحدَ عشرَ كوكبًا، والشَّمس والقمرَ، رأيتُهُم لي ساجدين؟

2011/07/12

الشهيد المجاهد / محمد موسى ابو سعادة




بسم الله الرحمن الرحيم
محمد موسى أبو سعادة

الميلاد والنشأة :
شهد اليوم التاسع عشر من شهر أغسطس للسنة السادسة والثمانين بعد التسعمائة وألف مولد فارسا من فرسان الحق والحرية , ميلاد المجاهد محمد موسى محمد أبو سعادة الذي ترعرع في بلدة بني سهيلا فقد ورث حبها عبر الأجيال السابقة , وتعود أصول أسرته العريقة إلى هذه البلدة المعطاءة , ولد الفارس المقدام أبو موسى فكان أكبر إخوته وكان مقربا جدا من والديه فكان كثيرا ما يمازحهما ويجلس ليتسامر مع والديه فكان يتميز شهيدنا بمرحه مع الجميع إلا أن مرحه مع والديه يختلف كليا فهو مرح الابن البار المطيع لوالديه , كان أبا موسى صاحب الوجه البشوش يمازح أبناء المسجد فهو المتميز بتربيته , وكان يصل رحمه فهو المحبوب بين أهله وجيرانه وزملائه في الجامعة .

مسيرته التعليمية :
التحق الشهيد المجاهد بمدرسة بني سهيلا الابتدائية فكان أنموذجا للطالب الحريص على اكتساب محبة وود الجميع ثم انتقل ليدرس المرحلة الإعدادية في مدرسة العودة , أتم شهيدنا المرحلة الثانوية في مدرسة الشهيد طه أبو مسامح ( مدرسة المتنبي ) , التحق شهيدنا محمد بجامعة الأزهر ليصبح أنموذج للطالب المجتهد ليحصل على شهادة ليخدم وطنه ودينه , فكان له ما تمنى فحصل على شهادة الدنيا قبل شهادة الآخرة بأسبوع .

عمله الجهادي :

التحق شهيدنا بكتائب الشهيد عزالدين القسام بعد إلحاح شديد بطلب الدخول في كتائب القسام ومع شدة الإلحاح تم ضمه إلى الكتائب مع علم القيادة بأن شهيدنا محمد على درجة من المقدرة على العمل فكان جنديا مخلصا مطيعا في السراء والضراء في المنشط والمكره , شارك شهيدنا محمد في صد الاجتياحات التي كانت تحدث في
منطقته , ويمتاز شهيدنا أبو موسى بالخفة والنشاط في العمل وتأديه على الوجه الذي يطلب منه ويلبي النداء في أي وقت وكان صاحب وجه مبتسم وضحوك وكان يمازح إخوانه المجاهدين حتى في أحلك الظروف ويشهد له إخوانه المجاهدين بالشجاعة في الميدان والمبادرة إلى خدمة إخوانه في الكتائب وأهم ما ميز شهيدنا محمد علاقاته الجيدة مع جميع التيارات المقاومة .

موعد مع الشهادة :
في اليوم الخامس من شهر فبراير لسنة ألفان وثمانية كان شهيدنا محمد في عمله في موقع التدخل السريع وحفظ النظام , ويؤدي صلاة العصر في الموقع وإذ بصواريخ الغدر والمكر والحقد تقذف من طائرات العدو الصهيوني لتصيب أجساد المتؤضئين من أبناء القوة التنفيذية ويستشهد على أثرها شهيدنا محمد وكوكبة من الشهداء .

إلى الملتقى في الفردوس الأعلى يا أبا موسى .

2011/07/10

في ذكرى الإسراء والمعراج ..دروس وعبر للامه الإسلامية للنهوض بها


 
 
تحتفل الأمة الإسلامية هذه الأيام بذكرى الإسراء والمعراج, هذه الذكرى التي ستظل المصدر الذي يتشرب منها المسلمون الدروس والعبر ,وستظل الجرس الذي يذكرهم دائماً بدورهم تجاه انفسهم واتجاه دينهم واتجاه الناس جميعاً ,هذه الذكرى التى وقفت امامها العقول حائرة, معجزة جعلت اعداء الإسلام واقفين امامها بين مشكك ومصدق ليأتى قول الله ويحسم هذه القضية فيقول سبحانه وتعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" وقوله تعالي "ما زاغ البصر وما طغي".
 
اشتداد المحن
 
قبل ان نقوم بسرد هذه الرحلة الربانية سوف نقوم بسرد حادثة تمت قبل هذه الرحلة الربانية ليعلم الذين كفروا ان الله ليس بتارك عبده وليزداد صبر الذين امنوا وليعلموا دائما ان بعد العسر يأتى اليسر فقبل هذه الرحلة بفترة ليست بكبيرة اشتدت المصائب على رسولنا الكريم بداية من وفاة احب زوجاته اليه السيدة خديجة رضى الله عنها وقد تبعها فى نفس العام وفاة خير معين له فى وجه الكفار عمه ابى طالب وقد كان حزنه على عمه حزن مضاعف وذلك لاصراره على كفره وموته عليه .
 
وتأتى لقريش الفرصة بعد وفاة ابى طالب عم الرسول ليشتد ايذاؤهم للرسول الكريم فقد تحينت لهم الفرصة بعد وفاة خير ناصر له الأمر الذى ادى بالرسول الكريم الى تغير مكان دعوته وتركه احب البلاد إلي نفسه فتهيأ للخروج إلى الطائف لعله يجد فيها السلام والخير   الأ إنه قد وجد ما لم يأمله فعندما بدأ فى الدعوة الى الله مع سادات الطائف وجد ردا قاسيا بل كان يحرضون سفهاءهم واطفالهم بأن يسبونه ويرمونه بالحجرة الأمر الذى ادى إلى إسالة دمائه الشريفة فقد جرح فى قدميه من جراء رميهم بالحجارة ويستمر ايذاء اهل الطائف للرسول الكريم حتى رسول الله قد اخذ فى الدعاء بقوله " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربى ، إلى من تكلني ، إلى بعيد يتجهمني ؟ أو إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن يحل علي غضبك ، أو أن ينزل بي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك" .
 
فبعد ما وجده الرسول الكريم فى اهل الطائف, عقد العزم إلي الرجوع إلي احب البلاد اليه, ليكمل تبليغ رسالته للوفود والقبائل والأفراد ,فما وجد الحال فيها يختلف عما وجده بالطائف فقد كان رجالها يتبعونه فى الأسواق ويرمونه بهتانا وإثماً ويصفونه بالكذب ويحذرون الجميع من إتباعه .
 
يسر بعد عسر
 
وبعد ما واجه الرسول الكريم من إهانة وإيذاء من أهل مكة والطائف اراد الله ان ييسر على عبده ونبيه وأكرمه بهذه الرحلة الربانية لتكون بشرى للرسول الكريم والمؤمنين من حوله كأنما يقول له الله عزوجل "اذا كانت هذه معاملة اهل الأرض من مهانة وذل فتعالى إلى السماء لترى كيف يرحب بك اهلها وكيف يستقبلونك بحفاوة وفرح " .
 
رحلة الإسراء
         
                             
 
 
كانت هذه الرحلة في السنةِ الخامِسَةِ قبلَ الهجرةِ .. عندما جاءَهُ جبريلُ ليلاً َ وهو نائمٌ ففتَحَ سَقْفَ بيتِهِ ولم يهبِطْ عليهِم لا ترابٌ ولا حجرٌ ولا شىءٌ وكان النبيُّ حينَها في بيتِ بنتِ عمّه أمّ هانىءٍ بنتِ أبي طالبٍ أختِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ في حيّ اسمه أجياد بمكة ، كان هو وعَمّه حمزةُ وجعفرُ بنُ أبي طالب نائمين والرسولُ كانَ نائماً بينهما فأيقظَهُ جبريلُ ثم أركبَهُ على البُراقِ خلفَهُ وانطلقَ بهِ.
 
والبُراقٌ دابةٌ من دوابِّ الجنّةِ وهو أبيضٌ طويلٌ يضَعُ حافِرَهُ حيثُ يَصِلُ نظرُهُ ولما يأتي على ارتفاعٍ تطولُ رجلاهُ ولما يأتي على انخفاضٍ تقصُرُ رجلاه.
 
واستعداد لهذه الرحلة المباركة اتجه جبريل بنبينا صلوات ربى عليه الى الكعبة فقام بشق صدره من غير ان يشعر الرسول بأى الم يذكر ليملأه ايماناً وحكمة إعداداً لهذه الرحلة المباركة ثم صار حتى وصلا ارض المدينة ِ فقالَ له جبريلُ " انزِل " فنزل فقالَ له "صلِّ ركعتينِ" فَصَلّى ركعتين، ثم انطلَقَ فوصَلَ بهِ الى بَلَدٍ اسمُها مَدْيَن وهي بلدُ نبيِ اللهِ شُعَيب فقال له انزِل فَصَلِّ ركعتينِ ففعَلَ ثم مثل ذلِكَ فَعَلَ في بيتِ لحمٍ حيث وُلِدَ عيسَى ابنُ مريمَ عليهِ السلام.
 
ثم أتى بيتَ المقدِسِ فربَطَ البُراقَ بالحَلَقَةِ التي يَرْبِطُ بها الأنبياءُ ثم دخلَ المسجدَ الأقصى فصلَّى فيهِ ركعتين.
 
 
وصلّى بالأنبياء إماماً، جمَعَهم له هُناك كلّهم تشريفاً له، ليجعله الله الميثاق الذي يأخذه على رسله ليؤمنوا بمحمد وينصرونه ويؤيدوه, وتكون إمامته "ص" لجميع الرسل إعلانا لعالمية الإسلام وبيانا لوجوب الإيمان به حيث آمن واقتدى به جميع الرسل.
 
أن هذه البقعة المباركة التي اجتمع بها الرسل جميعا,لها مكانة عظيمة في قلب كل مسلم , هي مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهاية رحلة الإسراء وبداية المعراج.
 
وبذلك تكون هذه الرحلة الربانية تذكير دائم للأمة العربية والإسلامية إلى التعاون والالتحام معا يدا واحدة لإنقاذ المسجد الأقصى وحماية الأرض المقدسة ورد الحق لأصحابه، خاصة وأنها أرض الإسراء التي تتعرض الآن لأخطر الانتهاكات والعدوان.
                             
ثم يخرج عليه جبريلُ عليه السلام بإناءٍ من خمرِ الجنةِ لا يُسكِرُ وإناءٍ من لبَنٍ فاختَارَ النبيُ اللبنَ فقال لهُ جبريل "اخترتَ الفِطرةَ " أي تمسَّكْتَ بالدين.
 
العروج إلي السماوات
 
 
ثم صَعِدَ به جبريلُ حتى انتهيَا الى السماءِ الأُولى، وفي السماءِ الأولى رأى ءادَمَ وفي الثانيةِ رأى عيسى ويحيى وفي الثالثةِ رأى يوسُفَ..
 
قال عليه الصلاةُ والسلامُ " وكان يوسُفُ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ " يعني نِصْفَ جَمَالِ البشَرِ الذي وُزِّعَ بينهم وفي السادسةِ رأى موسى وفي السابِعَةِ رأى ابراهيمَ وكانَ أشْبَهَ الأنبياءِ بسيدنا محمد من حيث الخِلْقَةُ ورءاهُ مُسْنِداً ظهرَهُ إلى البيتِ المعمُورِ الذي يدخُلُه كُلَّ يومٍ سبعُونَ ألفَ مَلَكٍ ثم لا يعُودونَ إليهِ.
 
ثم ذُهِبَ برسولِ اللهِ إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى وهي شجرةٌ عظيمةٌ وبها من الحُسْنِ ما لا يستطيعُ أحدٌ من خَلْقِ اللهِ أن يَصِفَهُ وجَدَهَا يغشاها فَراشٌ من ذَهبٍ وأوراقُها كآذانِ الفيلَةِ وثِمارُها كالقِلالِ والقِلالُ جمْعُ قُلَّة وهي الجَرَّةُ وهذه الشجرةُ أصلُها في السماء السادسةِ وتمتدُ إلى السابعةِ ثم سارَ سيدُنا محمد وحدَهُ حتى وصَلَ إلى مكانٍ يسمَعُ فيهِ صريفَ الأقلامِ التي تنسَخُ بها الملائكةُ في صُحًفِهَا من اللوحِ المحفوظِ ثم هُناكَ أزالَ اللهُ عنْهُ الحِجَابَ الذي يَمنعُ من سَماعِ كلامِ اللهِ الذي ليسَ حرفاً ولا صوتاً، أسمَعَهُ كلامَهُ.
 
ثم هناك أيضاً أزَالَ عن قلبِهِ الحجابِ فرأى اللهَ تعالى بقلبِهِ أي جَعَلَ اللهُ له قوَّةَ الرُؤيةِ
         
                             
والنظَرِ بقلبه، فرأى اللهَ بقلبهِ ولم يَرَهُ بعينَيْ رأسِهِ لأنَّ اللهَ لا يُرَى بالعينِ الفانِيَةِ في الدنيا وإنما يُرى بالعينِ الباقيةِ في الآخرةِ كما نصَّ على ذلك الإمامُ مالِكٌ رضي اللهُ عنه
 
ثم إنّ نبينا لما رجَعَ من ذلِكَ المكانِ كان من جملةِ ما فَهِمَهُ من كلامِ اللهِ الأزليِ أنّهُ فُرِضَ عليه خمسون صلاة ثم رجع فوجد موسى في السماءِ السادسةِ فقال له " ماذا فرضَ اللهُ على أُمَّتِكَ" قال: " خمسين صلاة " قال "ارجع وسل التخفيف" أي ارجع الى حيثُ كُنْتَ وسَلْ ربَّكَ التخفيف فإني جرَّبْتُ بني اسرائيلَ فُرِضَ عليهم صلاتان فلم يقُوموا بهما" فرجعَ فَطَلَبَ التخفيفَ مرةً بعد مرَّةٍ إلى أن صاروا خمسَ صلواتٍ.
 
 
ثم رجع رسولنا الكريم إلى قومه وحكى لهم ما حدث ، إلا انها رحلة تعجز عن تصديقها غير القلوب النقية المؤمنة فمنهم من كذبه ومنهم من أخذ يناظره بالاسئلة ويسأله "كم باباً ببيت المقدس "فلما كانت الرحلة ليلاً كشف الله له فآراه ، فصار يحكى لهم عن وصف الابواب وعددها واحداً واحداً فسكتوا ، وعندما قالوا لصديقه"ابوبكر "صاحبك يدعى أنه أسرى به " ، فقال ابو بكر مقولته المأثورة "إنه صادق فى ذلك أنا اصدقه فى خبر السماء فكيف لا اصدقه عن خبر الأرض ".
 
مشاهد لاتنسى
 
اثناء هذه الرحلة الربانية رأى النبى عدداً من المشاهد التى تعبر عن الكثير من حالة أمته وعلى ماهو عليه الناس فى الوقت الحالى ، نسرد بعضها لعل الناس يأخذون منها العظة :
 
المشهد الذى تظهر فيه امرأة جميلة متبرجة بكل أنواع الزينة، حاسرة عن ذراعيها تنادى: يا محمد انظرنى أسألك. فلم يلتفت إليها صلى الله عليه وسلم فقال جبريل للرسول: ما سمعت فى الطريق؟
 
فقال عليه السلام: بينما أنا أسير إذا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول: يا محمد انظرنى أسألك! فلم أجبها، ولم أقم عليها.
 
قال جبريل: تلك الدنيا، أما أنك لو أجبتها، لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، وأما الشئ الذى ناداك من جانب الطريق فهو إبليس.
 
         
                             
 
ثم يأتى هذا المشهد الذى نسأل الله سبحانه وتعالى قبل سرده ان يرزق شبابنا العفاف والتقى حتى لايقعون فى مثله فأثناء هذه الرحلة الربانية رأى الرسول موائد كثيرة، عليها لحم ناضج جيد ولا يقربها أحد وموائد أخرى عليها لحم نتن كريه الرائحة وحول هذا اللحم النتنه أناس يتنافسون على الأكل منها ويتركون اللحم الناضج الجيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل: هذا حال أناس من أمتك يتركون الحلال الطيب فلا يطعمونه، ويأتون الحرام الخبيث فيأكلونه!!.
 
وهذا مشهد آخر يحذر آكلين أموال اليتامى بالباطل ,حيث رأى الرسول الكريم أناسا شفاهم كمشافر الإبل. فيأتى من يفتح أفواههم، فيلقى فيها قطعا من اللحم الخبيث، فيضجون منها إلى الله لأنها تصير نارا فى أمعائهم فلا يجيرهم أحد حتى تخرج من أسفلهم فقال عليه الصلاة والسلام من هؤلاء يا جبريل ؟
قال جبريل: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى بالباطل، إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا.
 
ويرى الرسول الله عليه وسلم طريقا ممتدا إلي النار يمر فيه آل فرعون. فيعرضون على النار غدوا وعشيا.
وأثناء مرورهم يجدون على الطريق أقواما بطونهم منتفخة مثل البيوت، كلما نهض أحدهم سقط يقول: اللهم أخر يوم القيامة، اللهم لا تقم الساعة فيطؤهم آل فرعون بأقدامهم فقال عليه السلام: من هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء هم الذين يتعاملون بالربا من أمتك.. لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس.
 
ثم يمضى الرسول صلى الله عليه وسلم فيرى أقواما يُقطع اللحم من جنوبهم ثم يقال لكل منهم: كل من هذا اللحم كما كنت تأكل لحم أخيك ميتا. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: من هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء هم الذين يغتابون الناس من أمتك، كان كل منهم يأكل لحم أخيه ميتا.
 
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد أقواما تضرب رؤوسهم بالصخر كلما ضربت تحطمت وكلما تحطمت عادت كما كانت فترضخ من جديد بالصخر فتتحطم.. وهكذا، فقال عليه الصلاة والسلام: من هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل عليه السلام: هؤلاء من أمتك هم الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة.
 
يعقب ذلك مشهد يأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها هو يزيد عليها، وذلك دليل على كثرة الذنوب التى ارتكبها والمعاصى التى اقترفها، ومع ذلك فهو يزيد منها ويثقل على نفسه بالذنوب فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما هذا يا جبريل؟
 
قال جبريل: هذا الرجل من أمتك تكون عليه أمانات الناس، لا يقدر على أدائها وهو يزيد عليها أمانات أخرى، وقد دعا الإسلام إلى رد الأمانات.
 
كما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقوام تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شئ وهذا جزاء من يتكلم بالشر، ويخوض فيه بين الناس فلما رأى رسول الله ذلك قال لجبريل: ما هذا يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء خطباء الفتنة" كما كثر عددهم فى هذه الأيام"أسال الله ان يكفوا عما هم عليه من بث للفتنة .
 
وعلى عكس ماسبق فهذا المشهد يثير فى نفوسنا الراحة ويبعث فيها الاطمئنان والسكينة، فقد مر الرسول على أقوام يحصدون فى يوم، كلما حصدوا عاد كما كان. وكثرة الحصاد والمحصول على هذا الوجه رمز لجزاء الله سبحانه الذى لا يتناهى، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك سأل جبريل: ما هذا يا جبريل؟
 
قال جبريل: هؤلاء هم المجاهدون فى سبيل الله، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف. ولذلك يشبه الله العمل الصالح فى الآية: {كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء.
 
دروس وعبر
 
يجب على الأمة الإسلامية وهى تحتفل بهذه الذكرى الغالية على قلوبنا ان تقف عليها وتستلهم منها اهم ما خرجت به هذه الرحلة الربانية من دروس وعبر لتكون لنا خير عون على استعادة مجدانا وإعادة بناء لأمتنا ومن هذه الدروس :
 
1-على المؤمنين ان يتيقنوا ان دائما بعد العسر يأتى اليسر الأ أنه يجب على الإنسان ان يصبر ويحتسب ويسعى دائما للخير فكما عوض الله رسوله الكريم بعد اشتداد المصائب عليه ونصره سوف يكون هذا حالنا ان شاء الله فى حالة اذا ما قمنا بالدافع عن دين الله وجعل كلمة الله هى العليا .
 
2- على المسلمين ان يتذكروا دائما الآية الكريمة "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"ويقتدوا بها حتى تكون لهم عون لإظهار الصورة الصحيحة لدينهم كما فعل الرسول" ص" مع اهل الطائف فرسولنا الكريم فهو لم يدعو عليهم بل دعا لهم بأن يشرح صدرهم للإسلام وليكن هذا دائما شعارنا وسلوكنا حتى تتحدث افعالنا عن إسلامنا وتكون اداة جيدة للحديث عنا الإسلام وسماحته .
 
3- ان يتذكر المسلمون حال اليهود الذين ضلوا السبيل بمخالفة امر الله وقاموا بخيانة أمانته وذلك بإهمال شريعته ,واتباع شهواتهم فرفع الله عنهم عنايته ,ووكلهم إلي انفسهم الطاغية ,فداستهم الأمم ,وقهرتهم الدول ,وشردوهم فى الأرض لا وطن لهم مدى الحياة ,فعلينا نحن المسلمين ,ان نتمسك بشريعة الله ,وان نكون آهل للأمانة التى وكلنا بها ,حتى لا نضل مثلهم ,وحتى لاتجرى علينا سنت الله كما جرت عليهم حينما ضيعوا الأمانة .
 
4- يجعل المسلمين قضية استرداد" المسجد الأقصى" قضيتهم الدائمة التى يجب ان يعملوا دائما لاستردادها الم تكن هذه البقعة المباركة مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهاية رحلة الإسراء وبداية المعراج, اليست هذه ارض الإسراء التى تتعرض للظلم والإنتهاكات.
 
5-الإسلام دين عالمى سيظل إلى يوم الدين ويتجلى ذلك عندما قام رسولنا الكريم بإمامة الرسل جميعا للصلاة مما يزيدنا قوة وإصرار على الدفاع عنه إلى يوم القيامة .
 
6-دعوة عامة للمسلمين فى انحاء البلاد للتلاحم والتعاون للوقوف فى وجه الطغاة الذين يريدون اطفاء نور الله من وراء اقنعة مختلفة الا ان هدفهم واحد وهو حرب الإسلام والمسلمين والقضاء على هذه الأمة الصامدة إلى يوم الدين .
 
 7-ان يعتبر المسلمين من المشاهد التى رائها الرسول اثناء رحلته المباركة ويأخذون منها الدروس بالابتعاد عن ما نهنا الرسول عنه ويأخذون بأومره .وكل عام والأمة الإسلامية بخير

لا تقلقوا الأسماء العربية للمدن ستبقى وهم سينصرفون


كتب هشام ساق الله – يحاول اليمين المتطرف الصهيوني إحداث تغييرات على الجغرافية بإقامة المستوطنات وتجريف الأراضي وتغيير المعالم في المدن والقرى الفلسطينية وألان يحاولون تغيير أسماء المدن الفلسطينية داخل فلسطين التاريخية وهذا لن يتم ولن يكون وستبقى أسمائها كما هي حتى لو غيروا كل معالمها ستبقى المدن وهم الذين سينصرفون .
 
إحداث تغيير في الأراضي التي تحتلها دوله أخرى هو مناقض لقوانين وشرعة حقوق الإنسان سواء بتغيير شكل هذه المدن او أسمائها او إحداث تغيير ديمغرافي بترحيل أهلها واستبدالهم بسكان آخرين كما تفعله دولة الكيان الصهيوني هو منافي للقوانين الدوليه ولكن دائما تلك المنظمات والقائمين عليها يعتبرون اسرائيل ابنتهم الصغيرة هي خارج ما يطال القانون ويتركون يدها تلعب في كل ما تريده .
 
ايام كانت الطرق مفتوحة وكنا نستطيع السفر الى فلسطين كنا دائما نزور كل المدن والقرى ونتعرف على معالم بلادنا واذكر أني يوما ركبت مع الأخ ابورامي عرفات وهو سائق يحفظ أسماء القرى والمدن الفلسطينية وكل شبر من بلادنا فحين خرجنا من حاجز ايرز اللعين حتى وصلنا الى أي منطقه في فلسطين تريدها كان يقول اسمها العربي واسمها العبري ألان وابرز العائلات التي كانت تسكنها .
 
ابورامي لم يكن خريج قسم تاريخ او جغرافيا من أي جامعه فلسطينيه او عربيه بل كان سائق يعمل على سيارته يجوب البلاد طولها وعرضها ويسمع ويقرا ويسال تراكمت معه في ذاكرته معلومات تعجز عنها كليات في التاريخ والجغرافيا كان يحكيها لراكبي سيارته .
 
مهما حاولوا أن يقوموا بتغيير معالم الجغرافية فكل واحد منا يحفظ وسيظل يعلم أبنائه وأحفاده أسماء تلك المدن والقرى على الخريطة ومن خلال مواقع الانترنت ولن تفلح جهود هؤلاء المتطرفين بإزالة معالم وأسماء مدننا الفلسطينية ولن يستطيعوا أن يحققوا ما يريدون ففلسطين هي حقيقة وهم الذين سيعودوا او يقتلوا على أرضنا والقران حق ويتحدث عن نصرنا القادم لا محال إن شاء الله .
 
لازلنا نذكر ان ريشون ليتسيون هي عيون قاره و ام الرشراش الفلسطينيه هي  ايلات وقرية ام خالد التي تتبع قضاء طولكرم اطلقوا عليها نتانيا  ولازلنا نذكر ان بيت شان هي مدينة بيسان الفلسطينيه وقالوا عن جبال الكرمل زخرون يعقوبي وغيروا أسماء كثيرة لازال أهلنا في فلسطين المحتلة عام 1948 ينادوها بأسمائها القديمة ولازالت يافا وحيفا وعكا والناصرة وام الفحم وكل المدن والقرى رغم تعريب أسمائها هي هي لن يغيروا أسمائها مهما حاولوا .
 
اعتبر عضو الكنيست احمد الطيبي بأن مدينة القدس ستبقى القدس ويافا ستبقى يافا وشفاعمر ستيقى شفا عمر، ولن يستطيع كاتس او غيره تغيير التاريخ وهذه الاسماء.
 
بدوره دعا عضو الكنيست جمال زحالقة الى تغيير وزير المواصلات كاتس بدلا من تغيير اسماء البلدات والمدن، ومن المتوقع ان تستعر المواجهة في حال اقرت الحكومة الاسرائيلية اليوم مشروع قرار لجنة الاسماء التي شكلها كاتس.
 
وبحسب ما نشر موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" الناطق بالعبرية، فان اجتماع الحكومة الاسرائيلية الذي يعقد اليوم الاحد سوف يبحث تغيير اسماء العديد من الاحياء والبلدات والمدن، تحت مبرر وزير المواصلات بضرورة توحيد هذه الاسماء، بحيث سيتم تغيير الاسماء الى العبرية في الوقت الذي تحمل اسماء مختلفة "عربية وانجليزية".
 
وتعتبر مدينة القدس هي الاساس في اقتراح كاتس والتي سوف تتحول الى "يروشلايم" وسوف يتم كتابتها بالعربية والانجليزية والعبرية، وسيتم الغاء الكتابة بالعربية "اورشليم القدس" الى "يروشلايم" وكذلك JERUSALEM وسيتم كتابه بدلا منها بالانجليزية YERUSHALAYIM.
 
وسيشمل هذا التغيير العديد من المواقع "البحر الميت، طبريا " وغيرها من المواقع والتي يررها كاتس بالاختلاف في المعنى بين العربية والعبرية والانجليزية، واحيانا بعض الكلمات التي لايوجد لها أي معنى كما حاول التبرير في اسم البحر الميت، حيث يكتب بالعبرية "البحر المالح" في حين يكتب في العربية والانجليزية بالبحر الميت.
 
يشار ان محاولات كاتس تمرير هذا الاقتراح لتغيير اسماء البلدات والمدن داخل اسرائيل يستهدف عبرنة هذه المدن، ومحاولة منه لطمس التاريخ العربي لهذه المدن، والتي ستمد بعد ذلك الى كافة الشوارع والاحياء العربية في كافة المدن، وهذا ما دفع اعضاء الكنسيت العرب قبل عام لمهاجمة هذا المشروع واتهام كاتس بالعنصرية.

2011/07/09

أيها المارون بين الكلمات العابرة..

أيها المارون بين الكلمات العابرة..
قصيدة شاعر المقاومة الفلسطيني

إعداد - أبو هادى

وقد تعرض شاعرنا الراحل درويش للملاحقة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية وسجن أكثر من مرة كما فرضت عليه الإقامة الجبرية بسبب نشاطه السياسي، وهو أحد الشعراء الذين انطلق شعرهم الفلسطيني الحر ليسمع الأفاق، كما كان منضماً لفترة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
نذكر من أعماله: عصافير بلا أجنحة، أوراق الزيتون، عاشق من فلسطين، آخر الليل، مطر ناعم في خريف بعيد، يوميات الحزن العادي، يوميات جرح فلسطيني، شيء عن الوطن، ذاكرة للنسيان، وداعا أيتها الحرب وداعا أيها السلم، كزهر اللوز أو أبعد، في حضرة الغياب، لماذا تركت الحصان وحيدا؟، بطاقة هوية، وغيرها العديد من الأشعار والقصائد الرائعة.

أيها المارون بين الكلمات العابرة..
احملوا أسماءكم، وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا
واسرقوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة..
وخذوا ما شئتم من صورٍ، كي تعرفوا
أنكم لن تعرفوا
كيف يبني حجرٌ من أرضنا سقف السماء...

أيها المارون بين الكلمات العابرة..
منكم السيف.. ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار.. ومنا لحمنا
منكم دبابةٌ أخرى.. ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز.. ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماءٍ وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا، وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا
وعلينا، نحن، أن نحرس ورد الشهداء..
وعلينا، نحن، أن نحيا كما نشاء!!

أيها المارون بين الكلمات العابرة..
كالغبار المرّ، مرّوا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
خلنا في أرضنا ما نعملُ
ولنا قمحٌ نربيه ونسقيه ندى أجسادنا
ولنا ما ليس يرضيكم هنا:
حجرٌ.. أو خجلُ
فخذوا الماضي، إذا شئتم إلى سوق التحف
وأعيدوا الهيكل العظميّ للهدهد، إن شئتم،
على صحن خزف..
فلنا ما ليس يرضيكم: لنا المستقبلُ
ولنا في أرضنا ما نعملُ...

أيها المارون بين الكلمات العابرة..
كدسوا أوهامكم في حفرةٍ مهجورةٍ، وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
أو إلى توقيت موسيقى مسدس!
فلنا ما ليس يرضيكم هنا، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم: وطن ينزف شعبا ينزف
وطناً يصلح للنسيان أو للذاكرة..

أيها المارون بين الكلمات العابرة،
آن أن تنصرفوا..
وتقيموا أينما شئتم، ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا..
ولتموتوا أينما شئتم، ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في أرضنا ما نعملُ
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضرُ، والحاضر، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا..
والآخرة.
فاخرجوا من أرضنا..
من برنا.. من بحرنا..
من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا
من كلّ شيء،
واخرجوا..
من ذكريات الذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة...


محمود درويش
اخترنا اليوم في قصيدة العدد إحدى قصائد شاعر القضية الفلسطينية والمقاومة الراحل محمود درويش، هذا الشاعر الذي حمل هم قضية بلاده فلسطين داخل قلبه فكانت صاحبة حضور قوي بمعظم قصائده، واليوم ونحن نسكب من أعيننا دماً لا دموعاً على ضحايا الاعتداءات الآثمة في غزة، نأتي لنذكر واحدة من قصائد هذا الشاعر الفلسطيني، الذي كان شعره لسان حال الفلسطينيين والعرب.